19 - 06 - 2024

ترنيمة عشق | صفحة من تاريخ الأفاعي الأسود

ترنيمة عشق | صفحة من تاريخ الأفاعي الأسود

"عليهم أن يعيشوا بفلسطين كالأفاعي وسائر الحشرات في الغابات لا كالنّاس في بيوتهم".

"إنّ فلسطين ذلك البلد العربيّ كات ينعم بالسّكينة والهدوء حتى جاء اليهود الرّاغبون في السّيطرة وفرض السّطوة فعكّروا صَفوَه".

هكذا شهِدت "بريطانيا" واعترفت على نفسها وهي تطرد اليهود من أراضيها ليحمل العربيّ والفلسطينيّ تحديدًا وزرها مضحيًا بدمِه وماله وأهله بلا جريرة ارتكبها !!

لم يحتملهم العرش البريطانيّ وطرَدهم من البلاد عام 1290.. فقد كانوا يتعاملون بصلفٍ وغرورٍ وغطرسةٍ بغيضةٍ إلى النّفوس نفّرت البريطانيين منهم فتجنبوهم؛ نظرًا لرفضهم العمل في الحرف والمهن الزّراعيّة والصّناعيّة كعامّة النّاس، ورفضهم الانصهار في المجتمع وإصرارهم على الانعزال.

لكن الدّهاء اليهوديّ لم يكن ليهدأ.. فاشتغلوا بالأعمال المصرفيّة؛ الأمر الذي مكنّهم من الثّراء واكتناز الأموال الضّخمة؛ والتي دأبوا على إقراضها للملوك بهدف تمويل الحملات الصّليبيّة أو بناء الكاتدرئيات المسيحيّة الفخيمة.. كما قاموا بإقراض العامّة بفوائدٍ ربويّةٍ باهظةٍ تصل إلى نسبة مائة بالمائة !! فترسّب داخل المسيحيين شعورٌ سافرٌ بكراهية اليهوديّ المُرابيّ المُستغل.. ولأجل ذلك تبادلوا بينهم المذابح.

شاع بين الّناس أنّ اليهود اعتادوا إقامة شعائرهم الدّينيّة عن طريق سفك دماء الصّبية المسيحيين في طقوس دينيّة مُعينة.. مع انتزاع أعضاء الذّكورة منهم.. وتعذيبهم حتى الموت عام 1255.. وأنّهم يريدون دم الضّحيّة لإعداد وجبة "عيد الفصح".. ساعتها بادر العرش الملكيّ البريطانيّ بمصادرة أموالهم عقابًا لهم؛ وتعذيب وشنق اليهوديّ مرتكب تلك الجريمة النّكراء.. وازدادت العداوة ضدهم تماشيًا مع الرّاسخ في عقول المسيحيين -من قَبل- من أنّ اليهود هم "قتلة الرّب" أي المسيح.. على حد معتقدهم.

اُصدِر قانون يُحرّم عليهم الاشتغال بالرّبا.. لكنهم عادوا مرّة ثانية عام 1630 حينما بدأت "العائلة المالكة" تستقدم أفرادًا منهم للعمل أطباء في البلاط الملكيّ، وكانت عودتهم على استحياء نظرًا لعدم تقبُّل الشّعب تلك العودة، فقد كانت صورة اليهوديّ الرّاسخة في أذهان العامّة تتمثّل في هيئة شيطانٍ مفزع.. أو رَجلٍ بخيلٍ مُقتّرٍ كثير التّلويح والتّشويح بيديه، أو شهوانيّ يملك طاقةً جنسيّةً هائلةً، أو شاذّ مُخنّث بصورة تدعو للقرف والازدراء.. وتلك صورته الشّائعة كما أفرزها "الأدب الإنجليزيّ" وأدباؤه آنئذ أمثال: شكسبير ومارلو وتشوسر.

عام 1735 تقدّم البرلمان الإنجليزيّ بمشروع يمنحهم الجنسيّة البريطانيّة والسّماح لهم بتملّك الأراضي؛ فاندلعت أعمال الشّغب والعنف بين الجماهير الغاضبة الرّافضة لوجودهم بين ظهرانيهم.. فسُحب المشروع، وساعتها أتقن اليهو..د الدّرس؛ بأنه يتوجّب عليهم العمل في مجال الاقتصاد من وراء ستارٍ كي لا يجلبوا على أنفسهم نقمة أهل البلاد الأصليين، بل كانوا يتخلّون عن قيمهم الدّينيّة المتوارثَة لامتصاص غضب البريطانيين الكارهين لوجودهم.

ما لبث أن هبطت علىٰ البلاد أعدادٌ غفيرةٌ من اليهود الهاربة من المجازر "الرّوسيّة" التي وقعت أواخر القرن التّاسع عشر بعد قيامهم بأعمال شغبٍ في البلاد.. فعانت انجلترا من مشاحنات وخلافات بين البريطانيين والهاربين اتخذت شكلًا عرقيًّا ودينيًّا.. أي بين المسيحيّة واليهوديّة؛ وبين اليهود وأصحاب المعتقدات الأخرىٰ.

ترسّخ لدىٰ الإنجليز أنّ اليهوديّ بطبعه جبان ومُنحط وجشع ويميل للسيطرة على الآخرين ويرغب في التّحكم في العالَم المسيحيّ بأسرِه.. ولعبت "بروتوكولات حكماء صهيون" 1902 دورًا كبيرًا في ترويج فكرة التّآمر للسيطرة على العالَم كله.. وحمّلوا اليهود مسؤولية الفساد الحكوميّ ببلادهم.. وأنّهم مسؤولون عن الكساد العالميّ و"الثّورة البلشفيّة" في روسيا عام 1917 كمقدمة لاجتياح العالَم كله.. حتى "عصبة الأمم المتحدة" كانت في نظر الكثيرين أداة صنعوها لخدمة مؤامراتهم.

نُشرت دراسات ونظريات كثيرة تثبت أنّهم السّبب في إشعال الحربين العالميتين الأولى والثّانية.. ومن قبلهما حرب "الأنجلو بوير" في جنوب إفريقيا في الفترة من 1899 وحتى عام 1902 (بين الإمبراطوريّة البريطانيّة وجنوب أفريفيا).. وباتت نظرية المؤامرة اليهوديّة محل تصديق وإيمان من الكثيرين حتى أعلنوا أنّ: "اليهود يدفعوننا للحرب.. فنفوذهم السّياسيّ يُحركنا في اتجاهها".. حسْب تعبير اللورد: "بيفر بروك" عام 1938.

1917 أُصدِر "وعد بلفور".. وقد كان حلًا مثاليًّا لإبعادهم عن بريطانيا وتوطينهم بفلسطين (لاحظوا: نيويورك كانت مرشحة لتكون وطنًا لهم وكذلك أثيوبيا والأرجنتين وأوغندا وبَرقة بليبيا والعريش بسيناء المصريّة وأوكرانيا.. وهذا دليل دامغ أنّ فلسطين ليست وطنهم الأساسيّ كما يدّعون).. وتعّلل بعض الأوربيين بأنّ اليهود يستطيعون: "التّعايش مع العرب.. فالإسلام يسمح بذلك" !! لا سيّما مع ما لمسوه من التّعايش بين اليهود والعرب في "دمشق" عام 1840.. حين رفض "الوالي المسلم" تنفيذ حكم الإعدام في بعض يهود اتُّهموا بخطف "راهب من أصول إيطاليّة ليقيموا على دمِه طقوسهم الدّينيّة.. كما أنّ الاستعمار الفرنسيّ لشمال إفريقيا لاحَظ: "خوف اليهود من المستعمر وفي ذات الوقت شعوره بالأمان مع جيرانه المسلمين" !!

الزّعيم السّياسيّ اليمينيّ "بيميش" عبّر عن فرحته برحيلهم عن بلاده بقوله: "عليهم أن يعيشوا بفلسطين كالأفاعي وسائر الحشرات في الغابات لا كالنّاس في بيوتهم".

وكّتب اللورد "ثورنكليف" صاحب صحيفة "التّايمز" آنذاك: "إنّ فلسطين بلد عربي كان ينعم بالسّكينة والهدوء حتى جاء اليهود الرّاغبون في السّيطرة والسّطوة فعكّروا صفوه" !!

ووصفهم مراسل صحيفة "الديلي اكسبريس" في فلسطين بأنّهم: "حُثالة تُمثل خطرًا على المرأة الأوروبيّة".

ورغم الدّور البريطانيّ الهائل لتوطينهم في بلادنا إلا أنّ عصابات "الصّهاينة" لا ذمّة لهم ولا عهد ولا ترعى الود ولا المعروف؛ فافتتحت دخولها إلى فلسطين بقتل شاوشين إنجليزيين عام 1947.. وبدأت رحلتهم القذرة في حفر آبار من الشّر والكراهية والإرهاب في أوطاننا وبين شعوبنا المسالمة.. وما يزالون.
-------------------------------------
بقلم: حورية عبيدة


مقالات اخرى للكاتب

ترنيمة عشق | حتىٰ أنت يا بروتس ؟!





اعلان